الديمقراطية ولأحلاف
التقليدية في مقاطعة كيفه :
أطلت ديمقراطية العسكر ببريقها الزائف وأعجميتها على الشعب الموريتاني
سنة 1991م؛بإكراه غربي شمل جميع الأنظمة المستبدة بالحكم في غرب إفريقيا ؛فتلقفتها
هذه الأنظمة المستبدة ـ ومن بينها نظام موريتانيا ـ بفتور بارد خوفا على عروشها؛واحتضنتها بقدر يرضي
لها الغرب؛ ويحفظ لها نمط حكمها من دون رتوش.
طفق عسكر موريتانيا حينئذ على سكّ ديمقراطيته ببريق زائف؛يروّج له أغراضه؛فكانت
حرية الترشح والدعاية والمنافسة على بعض كراسي البلديات؛ ومضات سانحة؛ لمن هبّ
ودبّ؛ هبة لمن يدور في فلكه.
لكن في نهاية المطاف كان العسكر على العموم في كلّ جولاته يفرغ ديمقراطيته
غالبا من لذيذ عسلها في أكواب؛ يهديها لمن له تزكية ضمنية من عيونه المبثوثة؛التي
تصنع له أهل الولاء والبراء.
فالديمقراطية كانت آلة فعالة؛وسيفا ذا حدين ؛أخذها العسكر خيفة؛ووظفها
حيلة في قمع الأحزاب السياسية؛ وترويض الأحلاف التقليدية في البلد؛وخاصة في مقاطعة
كيفه؛ التي كانت توجد فيها أحلاف تقليدية تمتاز قبله ومعه بالمكابرة.
فبعضها ما زال يحنّ إلى بعث أمجاده التي ابتسم لها الدهر حينا؛وجاهد
من أجلها المستعمر زمنا.
وبعضها الآخر كان يعيش مع أفول نياشين هيداله نشوة؛لأنّه أذاقه
العلقم؛وصار من بعده يضاحك الأمل ويداعبه مع نظام عسكري جديد؛بزّته العسكرية لا تخفي
التودد إليه؛إذ كانت روابطه الاجتماعية ووظائفه السياسية لهما اليد الطولي في تلاقي ودّهما.
وبعضها الآخر انكفأ على نفسه؛وشاع دمّه السياسي بين القبائل المهيمنة؛وخاصة
في الحملات الانتخابية؛ولعلّ تعدد مرجعيّته التقليدية حينا من الدهر؛ كانت هي علّته
المزمنة؛حتى أمست بعض أطراف هذا الحلف الأخير أقوى من قلبه؛ فبعض أنامله تعزف على طريق
الأمل؛و تتحف من تشاء في المواسم السياسية بغير إذنه؛وإحدى رجليه في الشمال صارت تنجز أهدافها بسلاسة؛ وتلعب ببراعة من دون
عزم منه.
مرت علاقة الأحلاف التقليدية في مقاطعة كيفه مع الأنظمة العسكرية
المتعاقبة عليه بمراحل عدّة؛ من الصدام إلى المهادنة؛ فالصداقة ثمّ التحالف العضوي؛وما
زال النظام الحالي يحتفظ بهذا التحالف
التقليدي ويغذيه.
ولقد تعاقبت على بلدية كيفه منذ بزوغ الديمقراطية ستة عمد هم:
1 ـ ميشل رحمه الله تعالى؛و كان أول عمدة لبلدية
كيفه سنة 1986 م؛ وقد كان أخوه جبريل ول عبد الله حينئذ وزيرا للداخلية.
2
ـ المختار ول بوسيف من خلال لائحة مستقلة قبل التعددية
3 ـ محمد محمود ول محمد الراظي؛ رحمه الله
تعالى؛كانت له لائحة مستقلة بعد التعددية.
4 ـ محمد يسلم ول عبد الله
5 ـ محمد يسلم محمد لمين
6 ـ يعقوب ول عبد الله
7 ـ امين ول أبّ
والذي يطبع جلّ هذه الاستحقاقات الانتخابية في ظلّ حكم ول الطائع؛ احتدام
المنافسة؛وانعدام الشفافية؛وحسم النتيجة سلفا في كواليس وزارة الداخلية؛فيمكن لك بسهولة
أن تشمّ رائحة وزارة الداخلية في انتخابات 1986م.
ولك أن تستغرب سلاسة تكافئ الفرص بين حلفي ول الراظي وولد بوسيف بعد ذالك؛ فكأنّ بينهما تفاهما
سريا على تبادل الأدوار على مقعد بلدية كيفه؛ على منوال اليوم لي وغدا لك؛وهذا
التفاهم إن وجد؛فمقوده بيد وزارة الداخلية.
ونستكفي بهذا القدر؛لأنّ الكلام فيه كان عرضا لا غرضا؛ولأنّ فيه من
يرغب الفخر والتضخيم؛ويريد أن يذهب كلّ مذهب؛و له ذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق